الأحد، 11 يناير 2015

الشيوعي الألماني هانز بيملر Hans Beimler و الحرب الأهلية الإسبانية

 الشيوعي الألماني هانز بيملر  Hans Beimler و الحرب الأهلية الإسبانية



هانز بيملر

هانز بيملر Hans Beimler (ميونخ, 2 يوليوز 1895- مدريد 1 دجنبر 1936) ناشط شيوعي ألماني سُجِن في معسكرات الاعتقال النازية عام 1933م, و سقط صريعا, في ظروف غامضة, خلال قتاله إلى جانب الجمهوريين الإسبان خلال الحرب الأهلية (1936-1939).

*فقرات الموضوع:
الامبراطورية و جمهورية فايمر Weimar
الحقبة النازية 

الحرب الأهلية الإسبانية
موته
من قتله؟
الذاكرة و الأسطورة
بيملر في إسبانيا, شهادات معاصريه
الأعمال الأدبية
العائلة
هانز بيملر بعيون صحيفة دير شبيغل Der Spiegel الألمانية

الامبراطورية و جمهورية فايمر Weimar

ينحدر هانز بيملر من عائلة متواضعة, حيث كان والده عاملا في الحقول و حارسا للغابات. دخل  المدرسة الابتدائية في بلدة فالدتورن Waldthurn ببافاريا قبل أن يتعلم مهنة صناعة الأقفال. انخرط سنة 1913 في نقابة "فيدرالية عمال قطاع المعادن الألمان" DMV.

عمل خلال الحرب العالمية الأولى بحارا في البحرية الامبراطورية على متن كاسحة ألغام. لعب جنود البحرية الألمان دورا مهما في حركات التمرد التي سبقت الثورة الألمانية ما بين 1918 و 1919 و التي أطاحت بالنظام الإمبراطوري و أخرجت ألمانيا من الحرب العالمية الأولى تجر أذيال الهزيمة و الخيبة. بعد قيام جمهورية فايمر, أصبح هانز سنة 1919 عضوا بالمجلس العمالي لعمال و جنود مدينة كوكسهافن Cuxhaven. ثم انخرط في العصبة السبارتكية Spartakisme و أصبح عام 1919 عضوا مؤسسا للحزب الشيوعي الألماني.

كافح خلال الثورة الألمانية ما بين 1918 و 1919 من أجل قيام جمهورية مجالس بافاريا التي لم تُعمِر طويلا (أبريل-ماي 1919), و اعتُقل لمدة قصيرة بعد سحق هذه الجمهورية الوليدة. عمل بعدها ميكانيكي آلات بالتزامن مع أنشطته النقابية, حيث كان رئيس خلية الحزب الشيوعيKPD (Kommunistische Partei Deutschlands بنيفنبورغ Nymphenburg ضواحي ميونيخ.

اعتُقل مرة أخرى في يونيو 1921 يعد محاولته وقف مسير قوات عسكرية عبر تفجير قنطرة و حُكم عليه بالسجن سنتين قضاهما في سجن Niedershanenfeld. بعد الإفراج عنه عام 1923, عمل في مصنع لإنتاج القاطرات بميونيخ و أصبح عضوا بالمجلس البولشفي المحلي.

أصبح بيملر محط مراقبة جمهورية فيمار باعتباره عضوا بمكتب النشاطات العملية للحزب الشيوعي بمنطقة بافاريا, رغم ذلك كان ضمن الوفد المكون من 14 عاملا ألمانيا استُدعوا للاتحاد السوفياتي  ما بين يوليوز و غشت 1925.

كان بيملر طيلة عام 1928 إلى ربيع 1932 عضوا بإدارة فرع الحزب الشيوعي المسؤول عن منطقة أوغسبورغ, ثم أمين السر السياسي للجنوب البافاري. موازاة مع ذلك, انتُخب عضوا بأول برلمان لبافاريا, ثم نائبا شيوعيا بالبرلمان الألماني "الريخ ستاك" عام 1932.

الحقبة النازية

بعد وصول النازيين بزعامة هتلر للسلطة, اجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الألماني ZentralKomitee تحت رئاسة إرنست تالمان Ernst Thalmann طُرحت خلاله إمكانية القيام بانقلاب في ألمانيا بدعم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي. 

في الحادي عشر من أبريل 1933 اعتُقل بيملر و سُجن بشكل غير قانوني و تعرض طيلة أسبوعين للتعذيب في مقر شرطة ميونيخ قبل أن يُنقل بعدها إلى معسكر الاعتقال السيء الصيت بداشو Dachau. في ليلة التاسع من ماي, أجهز بيملر على أحد الحراس من كتيبة العاصفة SA و فرّ متنكرا في زي عنصر من الكتيبة. ثم تخفى حتى وصل إلى براغ حيث اشتغل لمدة قصيرة قبل أن ينتقل إلى زيورخ. و في نونبر 1934 شد الرحال إلى إسبانيا التي كانت منذ عام 1931 تحت حكم الجمهورية الثانية.

الحرب الأهلية الإسبانية

في السابع عشر من يوليوز سنة 1936, قام الجنرالات القوميون بقيادة مولا و فرانكو بانقلاب عسكري فاشل ضد الجمهورية الثانية ما أدخل البلاد في دوامة حرب أهلية. 

اجتمعت على وجه السرعة في باريس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لتدارس الإجراءات العاجلة الواجب اتخاذها لدعم الجمهوريين الإسبان.
 
وصل بيملر لبرشلونة يوم الخامس من غشت و شرع في استقطاب المتطوعين الألمان و النمساويين و السكندناف و السويسريين لتشكيل كتيبة "تالمان" (على اسم مؤسس الحزب الشيوعي الألماني المعتقل حينها في معسكرات هتلر) و التي ستنضوي تحت لواء "الفرقة الدولية الحادية عشر", و افتتح لهذا الغرض مكتب استقبال في محطة برشلونة. و قد عُين من طرف الحزب الشيوعي مفوضا سياسيا للكتيبة. لكن فريدبرت مويلدورفر Friedbert Muhldorfer ذكر في كتابه 
Hans Beimler -Im morderlager Dachau أن بيملر لم يتم تعيينه رسميا مفوضا سياسيا من طرف الجهاز, و إنما هو من تقدم و عرض خدماته.

موته

في فاتح دجنبر 1936, كانت معركة مدريد قد وضعت أوزارها أو كادت منذ أسبوع تقريبا, و نجم عنها وقف زحف قوات فرانكو و ردعهم عن دخول العاصمة مدريد. في هذا اليوم, ذهب بيملر في جولة تفقدية بمعية رفيقين إلى منطقة المدينة الجامعية التي شهدت أعنف المعارك, هناك تلقى رصاصة أردته قتيلا, كما قُتل صديقه فرانسيس فيلوف Francis Vehlow (المكنى لويس شوستر), بينما عاد رفيقهما الثالث ريتشارد ستايمر Richard Staimer سالما و عزى مقتل رفيقيه لقناص مغربي في جيش فرانكو, الأمر الذي بدى مقبولا نظرا للشراسة التي أبداها مغاربة فرانكو خصوصا في معركة مدريد.

يوم الثالث من دجنبر, نُظم تجمع جماهيري غفير في سينما روايلتي Royalty بمدريد تكريما لروح هانز بيملر, ألقيت خلاله الخطب و الكلمات لشخصيات مرموقة من الاحزاب اليسارية (خاصة الاشتراكي الإيطالي بييطرو نيني), حوالي مليوني إسباني انحنوا على تابوته تكريما له.

دُفن بيملر في مراسيم تشريفية خاصة في مقبرة مونتخويك ببرشلونة, و تم تغيير اسم الفرقة الدولية الحادية عشر إلى كتيبة هانز بيملر. و قد ألف الفنان الألماني إرنست بوتش بهذه المناسبة أغنية Beimler lied. كما انتشرت بين المقاتلين الأغنية المعروفة "Camarada Hans Beimler"

من قتله؟

لكن هل حقا قوات فرانكو هي من قتلت الزعيم الشيوعي بيلمر؟ لقد سرت إشاعة غذتها تصريحات زوجته و صديقته السويسرية أنطونيا شتيرنAntonia Stern تتهم الرفيق الناجي خلال عملية الاغتيال رتشارد شتايمر بتصفية بيملر بأمر من جهاز المخابرات السوفياتي NKVD (مفوضية الشعب للشؤون الداخلية) بسبب مواقفه المعلنة و المتعاطفة مع الأناركيين و الشيوعيين التروتسكيين الإسبان المناوئين لموسكو (خاصة جماعة بوم). حسب المقربين منه, كان بيملر مستقل الرأي إلى حد كبير فلم يكن بالتالي مستساغا من قِبل القيادة العسكرية آنذاك. كما انتقد علنا سياسة ستالين و مساعديه عموما, و كان يبدي امتعاضه من عدم قيام الاتحاد السوفياتي بأي تحرك لفك أسر الزعيم الشيوعي الألماني إرنست تالمان المعتقل في ألمانيا. كما كان مناوئا لمن يسميهم الساسة الانتهازيون الباحثون عن بسط سيطرتهم على الكتائب الدولية. لقد كان صلة الوصل بين فصائل المقاومة الجمهورية التي جمعتها البندقية و فرقتها الأديولوجية فكان موته بداية العد العكسي لسقوط الجمهورية نتيجة الخلافات الداخلية و افتراق الكلمة.

الذاكرة و الأسطورة

 اعتُني بذكرى هانز بيملر أيما اعتناء, و رُفع إلى مقام التبجيل و الأسطورة من طرف رجال "الفرقة الدولية" و من طرف جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية خلال الحرب الباردة). فشيدت له العديد من التماثيل, و صدرت باسمه أوسمة و طابع بريدي عام 1966 بمناسبة مرور 30 سنة على مقتله, كما سميت سفن لإطلاق الصواريخ باسمه عام 1986, إضافة لشوارع و أزقة و وحدات عسكرية و فرق كشافة و فرقة كورال موسيقية و مدارس حملت كلها اسمه. كما شكل جهاده و تضحيته مادة دسمة لكتب السيرة و كان محور سلسلة تلفزية قصيرة أذيعت عام 1969 بألمانيا الشرقية. 

في عام 1937, افتتحت مصلحة الشؤون الاجتماعية بالجمهورية الإسبانية الثانية دارا لرعاية الأطفال في بلدة بني قاسم Beni Cassim قرب بلنسية و أطلقت عليها اسم "فيلا بيملر".

بيملر في إسبانيا, شهادات معاصريه

بالنسبة لإيسموند روميلي Esmond Romilly (قريب وينستون تشرشل), كان بيملر مثالا للشيوعي الصالح :"شخص جدي, داعية الانضباط الصارم, عضو في الحزب الشيوعي, مهتم بكل المناحي التقنية للحرب, لا تشوبه الميولات الأنانية كالخوف أو الشجاعة المدفوعة بوازع الرياء".

كان الطبيب البريطاني الشاب كنيت سينكلير لوتي Kenneth Sinclair-Loutit  تقدميا لكنه لم يكن شيوعيا, عمل خلال الحرب الإسبانية مديرا لفرع الطب الاستعجالي SMAC و قد وصف بيملر الذي التقاه لدى حضوره في مهمة تفتيشية بعد شكاية ممرضين شيوعيين من تصرفات مرؤوسيهم. عنَّف بيملر بشدة خلال الزيارة جميع الأطر الطبية, و قال "نحن هنا لقتال الفاشيين, و أنتم تبددون وقتكم في الصراع فيما بينكم. إذا واصلتم على هذا المنوال ستعودون من حيث جئتم(...). و أضاف سينكلر عن لقائه ببيملر :"تصافحنا و التقت أعيننا لأول مرة: كانت نظرته نافذة و طيبة في آن واحد. لاحظت تشوه أحد أصابعه الذي لم ينبثق منه الظفر بشكل سليم. علمت فيما بعد أن ذلك من آثار التحقيق معه من طرف الكيستابو Gestapo."

في بداية دجنبر 1936, كتب الصحفي الشيوعي البريطاني كلود كوكبورن Claude Cockburn مرثيته لهانز بيملر على صفحات مجلة الديلي ووركر Daily Worker. ذكر كلود أن يومين قبل وفاته مرَّت رصاصة بمحاذاة بيملر بينما كانا يقومان معا بتفقد الجبهة قرب كازا ديل كامبو, فطمأنه بيملر أنه رأى الموت من مسافة أقرب من هاته عام 1933 لما كان بين يدي النازيين. و أضاف كلود :"تقرؤون دوما في الجرائد أن خسارة فرد ما لا تُعوَّض. هذا غير صحيح  في حركتنا. كان بيملر يشمئز عند سماع أنه لا يمكن تعويضه. كان يعلم, ونحن أيضا, أن فردا يستطيع, بل يجب أن يعوضه".

أما الممرضة الشيوعية الأسترالية أنييس هودغسونAgnes Hodgson  فقد شاركت في مراسيم دفن بيملر في برشلونة و وصفتها في مذكراتها : "السادس من دجنبر: سرتُ خلف الموكب الجنائزي لبيملر, النائب الشيوعي السابق في البرلمان الألماني الذي قُتل في جبهة القتال. رجل قدير و محبوب للغاية, إنها خسارة كبرى للحزب...حضرنا جميعا إلى هنا, كل نساء الفرق الدولية, إنجليزيات, ألمانيات, سويسريات. كنا نمر في مواكب خلف الرسميين, و القبضة مرفوعة و أمامنا لافتة تدعو للانتقام لموت هانز بيملر. نزلنا الشارع ببطء, مررنا أمام فندق كولمبس و مكبرات الصوت تذيع الخطب الممجدة لرفات بيملر. عبرنا ساحة قطلونية و نزلنا بساحة الرملةLas ramblas ,في هدوء دائما و نحيي بأيدينا. أثناء مرور موكبنا تلقينا التحية من مختلف الجمعيات: طلبة أمريكا اللاتينية, الأناركيون, الشبيبة الشيوعية...إلخ. ثم وصلنا إلى أقصى ساحة الرملة و انحزنا في الجانب, لنشهد بدورنا مواكب آلاف الإسبان من جميع الأحزاب, و الشرطة و المليشيات و النساء و الأطفال, مع أعلامهم و فرقهم الموسيقية. كنا نسمع باضطراد نشيد الأنترناسيونال, ثم وصلت مسيرة الأناركيين, فنشيد الأنترناسيونال مرة أخرى. ثم وصلت العربات المُحملة بتيجان رائعة...لم تكن أي واحدة منا تعتمر قبعة, فالقبعة كانت تعتبر هنا رمزا للبورجوازية".

الأعمال الأدبية:
كتب بيملر مذكرة عن مقامه في معتقل داشو سماها " معتقل الموت داشو: أربعة أسابيع عند الأوغاد أصحاب الزي البني". من خلال كتابه هذا يعتبر بيملر  أول من كشف النقاب عن عالم معسكرات الاعتقال الألمانية, و قد نُشر بادئ الامر في الاتحاد السوفياتي عام 1933, ثم في بريطانيا العظمى, ففرنسا و إسبانيا.

عام 1936, ألف بيملر سيرة ذاتية مقتضبة أطلق عليها "ألمانيا - مدريد".




 
العائلة

كان ابن هانز بيملر (المزداد عام  1917و يحمل نفس اسمه) يعيش في الاتحاد السوفياتي. عام 1938, و خلال حقبة الرعب الأكبر في بلاد ستالين, اعتُقل من طرف جهاز NKVD بالتزامن مع اعتقال جمع غفير من الشباب الألمان في إطار كشف مؤامرة مزعومة لشباب هتلر ضد ستالين. 6 شبان فقط, بينهم هانز بيملر الابن, أُفرج عنهم. بعد إطلاق سراحه فر هانز إلى المكسيك.

تزوج بيملر للمرة الثانية عام 1930 من سينتا (1909-2000) التي كانت تعمل في الجريدة الشيوعية Neues Zeitung بميونيخ. عام 1933, اعتُقلت في معسكر الاعتقال ZK Moringen. بعد إطلاق سراحها, اعتُقلت مرة أخرى عام 1942. عام 1945 أصبحت موضفة في الحزب الشيوعي ببافاريا.

هانز بيملر بعيون صحيفة دير شبيغل Der Spiegel الألمانية
هذا الجزء هو ترجمة مقتضبة لمقال دير شبيغل بتاريخ 8 غشت 1956 يحمل عنوان Verrirte Kuglen.

 "في العشرين من يوليوز 1956, بينما كان قادة حكومة جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية التابعة للسوفيات) في موسكو, كان هينرتش روو Heinrich Rau مساعد الوزير الأول يترأس بالقاعة الكبرى لمصنع الآلات الكهربائية JV STALINE ببرلين مراسيم تجلت مظاهرها الخارجية في أعلام ألوانها حمراء و صفراء و بنفسجية: هي ألوان الجمهورية الإسبانية الثانية, التي شهدت قبل 20 سنة خلت (منتصف يوليوز 1936) اندلاع حرب إسبانيا, قبل أن تسقط بعد 3 سنوات تحت ضربات الفرانكوية.

دُعي لإحياء ذكرى بداية هذه الحرب (و التي نهايتها الغير مشرفة للاتحاد السوفياتي لم تلق تعليقا وافيا من لدُن المؤرخين الستالينيين) أعضاء سابقون في الفرق الدولية و قد سلمهم روو (و هو بنفسه قائد سابق في الفرقة الدولية الحادية عشر) أوسمة. ألقى روو كلمة مدح أعقبها تسليمه ميدالية هانز بيملر الصادرة حديثا لفرانز دايلم و لثلاث شخصيات أخرى مرموقة في القوات المسلحة (...).

الحماسة المفاجئة للجمهورية الديمقراطية الألمانية ليست وليدة الصدفة, فهي تعبر عن حاجة الجيش الشعبي الوطني الجديد لقدوات وطنية مشرفة. بعد بحث مضني عن هذه النماذج, يبدو أن الحزب الاشتراكي الموحد الألماني قد وجد ضالته في رجال الفرق الدولية من الألمان.

لكن اختيار هانز بيملر تحديدا كبطل قومي جديد يطرح علامة استفهام, فحتى وقت قصير لم تكن اللوحة التذكارية لهذا الشيوعي في مبنى ولهلا Walhalla مزينة بالأكاليل. إن الملابسات التي قُتل فيها هانز بيملر, المفوض السياسي للفرقة الدولية الحادية عشر, في دجنبر 1936 يكتنفها الغموض.

ابنُ حارس للغابات في بافاريا, انخرط بيملر في الحزب الشيوعي قبيل تأسيسه و انتُخب نائبا برلمانيا شيوعيا بالبرلمان الريخ ستاك. في أبريل من عام 1933 اعتُقل من طرف النازيين و أُرسل لمعسكرات الاعتقال. لكنه نجح في الهروب بعد 4 أسابيع. 

بعد ذلك, قام جهاز الإنذار الدولي للإنقاذ الأحمر, حيث والتر أولبرشت و فيليلم بييك لهما نفوذ كبير, بتحذير النشطاء الشيوعيين من أن بيملر قد يكون عميلا لصالح الكيستابو. في حقيقة الأمر, بدأ بيملر منذ الأيام الأولى لحرب إسبانيا, و حتى قبل أن يحسم ستالين أمره بالتدخل إلى جانب الجمهوريين, في تجميع المعادين للفاشية الناطقين بالألمانية و الراغبين في القتال و وضع الأسس الأولى لكتيبة إرنست تالمان.

في مدريد, و في خريف عام 1936, بينما كان فرانكو يهاجم العاصمة و يكاد يسحقها, انتُخب بيملر مفوضا سياسيا من طرف أتباع تالمان (مؤسس الحزب الشيوعي الألماني المعتقل في ألمانيا), فدخل في صراع مع المفوضين السياسيين السوفيات الراغبين في بسط السيطرة الستالينية على رأس الفرق الدولية. نظرا لخطورة الوضع, انكب بيملر رفق صديقه روو على تنظيم الدفاع عن مدريد و أهملا الصراع الداخلي بين الكوادر السياسية للفرق الدولية.

في نونبر 1936, اُختير بيملر للقيام بمهمة خاصة: كان عليه الذهاب على صهوة بغل إلى الريف...لكن فريقا من كتيبة تالمان الفرنسيين ثاروا و طلبوا بإلغاء المهمة. يوم فاتح دجنبر 1936, انطلق بيملر في مهمة تفقدية إلى جبهة مدريد مع رفيقه لويس شوستر و رجل ثالث معروف بولائه للقادة السوفيات. كان هذا أمرا غير معتاد, فالقطاع المختار زيارته كان قريبا جدا من خط النار, و معرض للرمي بالقنابل اليدوية, و المفوضون السياسيون عليهم مبدئيا البقاء في قطاعات أقل خطورة. حسب التقرير الرسمي المودع لدى الكتيبة الدولية الحادية عشر: بيملر و شوستر قُتلا برصاصات طائشة. 

لقد خُصصَ أسبوع في جمهورية ألمانيا الديمقراطية للاحتفاء برجال الكتائب الدولية السابقين و خصوصا هانز بيملر, البطل المُخترع حديثا من طرف حزب اليسار الاشتراكي الموحد ليكون نموذج الجيش الشعبي. كما قدمت شركة ديفا السينمائية العمومية فيلما عنه عنوانه Mich Durstet, كما نَشرت إصدارات الدفاع الوطني مطويا يحمل اسم "الفرقة الدولية الحادية عشر" XI-BI ألفه كوستاف زيندا (...)

الخلاصة, وُزعت على المُستقطبين الكثير و الكثير من الوثائق حول هانز بيملر, لكن و لا واحدة منها تكشف إن كانت الرصاصة التي قتلت قدوتهم جاءت من الأمام أم من الخلف.


صلة الرحم بالأندلس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق